“مركز كنف” يفتح أبوابه رسمياً أمام الأطفال ضحايا الإساءة رافعاً شعار “ليعود آمناً”

تحت رعاية قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، أعلنت إدارة سلامة الطفل في إمارة الشارقة عن افتتاح “مركز كنف – بيت الطفل في الشارقة” تحت شعار “ليعود آمناً”  ليبدأ المركز، الذي يعد الأول من نوعه على مستوى الدولة والمنطقة، رسمياً في استقبال الأطفال ضحايا الإساءات الجسدية والجنسية من كافة الجنسيات في الإمارة، حيث يمتاز المركز، الذي وجهت سمو الشيخة جواهر القاسمي بإنشائه في العام 2020، بتوحيد جهود كافة الجهات القانونية والاجتماعية والطبيّة المختصة بالتعامل مع هذه الحالات في مكان واحد، لتوفير الرعاية والحماية الشاملة للأطفال على أيدي خبراء متخصصين من دون جهود مضاعفة وأعباء على الأطفال وأولياء أمورهم.

ويضم المركز تحت سقفه إدارات متخصصة تمثلها كل من إدارة سلامة الطفل، والمحكمة الاتحادية الابتدائية في الشارقة، والنيابة الكلية بالشارقة، والقيادة العامة لشرطة الشارقة، ومؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، ومؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي، ودائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة، وهيئة الشارقة للتعليم الخاص، وإدارة الطب الشرعي، وإدارة مراكز التنمية الأسرية، التابعة للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة.

جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي، عقدته إدارة سلامة الطفل اليوم الخميس، في “بيت الحكمة” بالشارقة، تحدثت خلاله سعادة هنادي اليافعي، مدير عام إدارة سلامة الطفل، وأمينة الرفاعي، مدير “كنف”، وكل من أعضاء اللجنة العليا لمركز “كنف”، سعادة الدكتور محمد عبيد الكعبي، رئيس محكمة الشارقة الاتحادية الابتدائيّة، وسعادة المستشار أنور أمين الهرمودي، رئيس نيابة الشارقة الكلية، وسعادة اللواء سيف الزري الشامسي، القائد العام لشرطة الشارقة، وسعادة الدكتورة محدثة الهاشمي، رئيس هيئة الشارقة للتعليم الخاص، وسعادة عفاف المري، رئيس دائرة الخدمات الاجتماعية، وسعادة الدكتورة صفية الخاجة، مدير مستشفى القاسمي للنساء والولادة والأطفال، وسعادة الشيخة موضي الشامسي، رئيس إدارة التنمية الأسريّة وفروعها، حول جهودهم المشتركة في إنجاح رؤية “كنف” والمسؤولية التنسيقية التي يتولاها كل منهم.

مسؤولية رسمية واجتماعية متكاملة

وبمناسبة افتتاح المركز، كشفت سعادة هنادي اليافعي، مدير عام إدارة سلامة الطفل ورئيس اللجنة العليا لمركز “كنف”، عن خارطة طريق لنجاح مهامه، وأكدت أن مسؤولية سلامة الطفل النفسية والذهنية والجسدية مسؤولية كبيرة دقيقة في تفاصيلها، وتتطلب وعياً مجتمعياً وتحولاً في ثقافتنا نحو المزيد من الشجاعة. وقالت: “هذه المسؤولية لا وجود لهامش الخطأ فيها، لأنها تتعامل مع حقوق البراءة، ومع مستقبل الأجيال، ليس في مجال التعليم والمهارات والكفاءات، بل في المجال النفسي والعاطفي وفي مجال التماسك الاجتماعي، وهذه المجالات لا يمكن أن نعود بها للخلف لإصلاح الأضرار التي لم نتعامل معها في حينها”.

وتابعت اليافعي: “أود التأكيد على أن المجتمعات تبني مؤسسات للتعامل مع الظواهر السلبية المتفشية، لكننا في الشارقة نعمل بشكل استباقي لمنع تشكل أي بادرة لأي ظاهرة قد تضر ولو مستقبلاً بمجتمعنا، ولو كان لدينا طفل واحد فقط يتعرض للإساءة سنطلق كنف وسنبذل كل الجهد لحمايته، نحن هنا لا نتعامل مع أعداد، بل مع الحقوق الطبيعية للأطفال بنشأة آمنة وسليمة”.

رسالة للمؤسسات الإعلامية

وأوضحت اليافعي: “هناك لبسٌ في توصيف وتصنيف الإساءات؛ فالكثير منها يحدث ولا ندرك أنها إساءة حتى تكبر وتتحول إلى فعل يترك ضرره الكبير في المستقبل”. وتوجهت لوسائل الإعلام، مؤكدةً أهمية شراكتها في نجاح مسيرة “كنف” بالقول: “علينا أن نراعي وجود أكثر من مئتي جنسية في إمارة الشارقة ودولة الإمارات العربية المتحدة، وأن هناك فروقاتٍ في اللغة والثقافة، وأن كل جنسية تحتاج لخطاب يلامس قيمها وثقافتها وخصائصها، وأيضاً هناك تفاوت في الفئات الاجتماعية من حيث متابعة الأخبار، وهنا يجب أن نحرص على أن تصل رسالتنا لكل فئة منها بالطريقة المناسبة وبشكل نضمن فيه حماية أطفالنا من أي تهديد خارجي”.

مسؤولية الإمارة كاملة

من جانبها، قالت أمينة الرفاعي، مدير مركز كنف: “عند الحديث عن رعاية مجتمع الشارقة بكل فئاته من أطفال ويافعين وشباب وكبار سن، فإن الأمر لا يتعلق بمسؤولية مؤسسة متخصصة تتولى مهام رفع الوعي بحمايتهم أو تنشئتهم أو الاستثمار في طاقاتهم، وإنما يتحوّل الأمر إلى مسؤولية الإمارة كاملة بمؤسساتها الرسمية وأفرادها وحتى هيئاتها الخاصة؛ لأننا نمضي برؤية واضحة، وضعها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وجسدتها قرينة سموه، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، بتوجيهاتها ودعمها ومبادراتها الكبيرة”.

مراحل رعاية الطفل في “كنف”

وتمر رحلة الطفل في “كنف” بست مراحل، تبدأ بتلقّي بلاغ من قبل دائرة الخدمات الاجتماعية (خط النجدة 800700)، وبعد تصنيف حالة إساءة الطفل (جسدية أو جنسية)، يتم تهيئة “كنف” لاستقبال الطفل ومرافقيه، والتنسيق مع الشركاء المعنيين للحضور والاستماع إليه. أما في المرحلة الثانية، وهي “التقييم المشترك”، فيقوم فيها الأخصائي الاجتماعي في (كنف) بالاجتماع مع الشركاء المعنيين وعقد مؤتمر الحالة الأول لتقييم الطفل، واستعراض البيانات المشتركة، ووضع الخطط العلاجية التي تتناسب مع الحالة.

بينما تشمل المرحلة الثالثة، وهي مرحلة مقابلة الطفل، تكليف ممثل من وحدة الصحة النفسية بالحضور في غرفة المقابلة لمرافقة الشخص المخول بالوقوف على الحقيقة بلسان الطفل نفسه؛ بهدف جمع الأدلة والكشف عن غموض الواقعة. وفي المرحلة الرابعة، وهي مرحلة الفحص الطبي، يتم إعداد تقرير يشمل التاريخ الطبي للطفل، ونتائج الفحص الجسدي الشامل، وفي حال الاشتباه بالإساءة الجنسية، يتم إجراء فحص طبي خاص للتحقق من الإساءة وأضرارها في المركز؛ بهدف اكتشاف أي علامات أو أعراض محتملة لتوثيق الأدلة، كما يتم تقديم برنامج تدخل أسري في هذه المرحلة؛ لرفع مستوى التكيف وعلاج الصدمة لدى أفراد الأسرة بعد مرحلة الفحص.

وفي المرحلة الخامسة، وهي مرحلة القضية، وبعد التحقق من كافة البيانات ونتائج الفحص والمعلومات التي نتجت عن مقابلة الطفل، يتم تعيين الممثل القانوني للطفل من دائرة الخدمات الاجتماعية، وإحالة ملف الحالة إلى القضاء، ومتابعته أولاً بأول؛ للتأكد من حضور الطفل افتراضياً للجلسات في المركز بصحبة الممثل القانوني وممثل من وحدة الصحة النفسية. وتشمل المرحلة السادسة والأخيرة توفير العلاج النفسي والاجتماعي، وذلك بعد جمع تاريخ الصحة النفسيّة وتقييم الأثر المحتمل للإساءة، ووضع خطة علاج مصممة خصيصاً للتعامل مع احتياجات الطفل الضحية وأفراد أسرته، والتي تضم برامج علاجية تأهيلية وفق أفضل الممارسات.

مسؤولية الشركاء ومهامهم

وإلى جانب إدارة سلامة الطفل، التي تتولى تنسيق وإدارة مساهمات الجهات،  وتشرف على منظومة حماية الطفل عبر إعداد التقارير الدورية والإحصائيات، تضم قائمة شركاء “كنف” تسع جهات بمختلف التخصصات، تشكل بمجملها منظومة رعاية متكاملة تجتمع تحت مظلة “كنف” لتسهيل مهمة توفير كل ما يحتاجه الطفل في مكان واحد، حيث تعمل “دائرة الخدمات الاجتماعية” على استقبال وتسجيل البلاغات الخاصة بالأطفال الضحايا عبر رقم خط نجدة الطفل 800700، وتقديم خدمات اجتماعية ونفسية وقانونية ورعاية اجتماعية لحماية الأطفال، فيما تتولى مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية خدمات الدعم الطبي، وإجراء فحوصات طبية شاملة للأطفال، وتسهيل العلاج والتعافي البدني الكامل.

وفي حال استدعت حالة الطفل المزيد من الفحص، تقوم إدارة الطب الشرعي في وزارة العدل بإجراء فحص الطب الشرعي للطفل حسب طلب النيابة وإعداد تقرير بالنتائج، أما القيادة العامة لشرطة الشارقة فتتولى مسؤولية أي تدابير ضرورية لضمان سلامة الطفل، إلى جانب جمع الأدلة المتعلقة بأي تحقيق بناء على طلب النيابة، لتتولى النيابة الكلية بالشارقة مسؤولية العمل جنبًا إلى جنب مع النظام القضائي في الشارقة للتعامل مع حالات إساءة الأطفال، وضمان اتباع إجراءات المقاضاة، عبر رفع تقارير المستشفى والشرطة وإجراء التحقيقات اللازمة، وفحص الطب الشرعي إذا لزم الأمر، فيما تضمن المحكمة الاتحادية الابتدائية في الشارقة الالتزام بالقانون والوصول للحكم العادل، وحماية الحقوق للأفراد والعائلات وفقًا للمعايير الوطنية.

ولا تتوقف مهام “كنف” على الجوانب الصحية والقانونية، بل تشمل أيضاً الرعاية الاجتماعية والتعليم، إذ توفر إدارة التنمية الأسرية وفروعها في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة الاستشارات للعائلات وأهالي الأطفال الذين تعرضوا للإساءة وترشدهم لأفضل أشكال التعامل مع الطفل والتبعات النفسية والعاطفية، وتضمن مؤسسة الإمارات للتعليم وهيئة الشارقة للتعليم الخاص سلامة الطفل في المؤسسات الأكاديمية مثل المدارس ودور الحضانة، وتوفر المشورة وخدمات الدعم المختلفة للأطفال ضحايا الإساءة من أجل استمرارهم في العملية التعليمية.

واختتم المؤتمر الصحفي بتوجيه شكر خاص لبلدية الشارقة؛ لما قدمته من دعم هام وفعال للمشروع، مؤكداً أن هذا الدعم يمثل حافزاً قوياً للحصول على مساندة المجتمع والمؤسسات المحلية لتحقيق رسالة المشروع في رعاية الأطفال والحفاظ على سلامتهم.