جواهر القاسمي توجّه بإنشاء ”كنف“ لتوحيد إجراءات حماية الأطفال الذين تعرضوا لإساءات جسدية أو جنسية

يهدف لتوفير خدمات متكاملة ومشتركة بين كافة الجهات ذات العلاقة

للنشر الفوري،
الشارقة، 28 أبريل 2020

وجّهت قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، إدارة سلامة الطفل بالشارقة ببدء العمل على تأسيس وإنشاء بيت الطفل “كنف” في الشارقة لتوفير الدعم القانوني والنفسي والاجتماعي للأطفال ضحايا الإساءة الجسدية والجنسية، وتوحيد إجراءات حماية الطفل مما يسهل على المؤسسات المعنية توفير خدمات الإحالة والعلاج في مكانٍ واحدٍ متكامل المرافق والخدمات وفي مناخٍ يشعرهم بالأمان والدعم والمساندة.

يأتي ذلك ضمن جهود سمو الشيخة جواهر القاسمي الرامية لحماية الأطفال وتوفير بيئة آمنة لتنشئتهم، حيث اطلعت سموها خلال السنوات الماضية على بعض الحالات التي تعرض فيها الأطفال للإساءة الجسدية، وتابعت حالاتهم بصورة مباشرة مع المؤسسات المعنية في الإمارة.

وتعتبر الإساءة الجسدية باختلاف أنواعها ودرجاتها واحدة من أكثر المشاكل التي تترك أثاراً سلبية على حياة ومستقبل الطفل وعائلته وعلى المجتمع أيضاً، وهي كغيرها من السلوكيات السلبية، تتواجد بدرجات متفاوتة في كافة المجتمعات حول العالم، ويتطلب علاجها ومتابعتها ظروفاً وأجواءً تتوفر فيها الحماية والرعاية والخصوصية.

وبينت دراسة مجموعة من الحالات ومتابعتها أن أكثر التحديات التي تحول دون الإبلاغ عن قضايا الإساءة الجسدية والجنسية تتمثل في متطلبات التحقيق والمتابعة والعلاج النفسي والجسدي التي غالباً ما تتوزع على مؤسسات مختلفة حسب اختصاصها.

ويعتبر مشروع بيت الطفل “كنف” مماثلاً لنموذج مركز “بارناهوس” الذي انطلق من آيسلندا، ويعني “بيت الطفل” باللغة الآيسلندية، ويوجد اليوم ما يقارب 50 مركزاً في مختلف المدن والبلدان الاسكندنافية، بعد نجاح تجربته في خدمة وعلاج الأطفال الذين تعرضوا للاعتداء، والتخفيف من معاناتهم والتأثير النفسي عليهم، وتسريع إجراءات قضاياهم.

وكانت سموها قد زارت مركز حماية الطفل في السويد “بارناهوس” في عام 2015، كما نظم المكتب التنفيذي لسمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي زيارة للمركز ضمّت ممثلين عن مؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين، وإدارة سلامة الطفل، ودائرة الخدمات الاجتماعية بالشارقة، حيث تعرفوا على الخدمات التي يقدمها المركز للأطفال ضحايا العنف الجسدي، إذ يوفر لهم بيئة داعمة تربوياً ونفسياً تتيح لهم الحديث عن تجاربهم في أجواء مريحة وآمنة تراعي احتياجاتهم وخصوصيتهم، وتخدم في الوقت ذاته التحقيقات التي تجريها الخدمات الاجتماعية، والشرطة، والنيابة العامة، والأطباء النفسيين، وعلماء النفس.

ومن المقرر أن تتولى إدارة سلامة الطفل، التابعة للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، إدارة بيت الطفل “كنف” وإتمام مهام التنسيق والإشراف على العمليات، إذ تجري مجموعة من الزيارات والاجتماعات مع الجهات المعنية بحماية الطفل داخل الدولة وخارجها، وذلك للاطلاع على الممارسات الحاليّة المتعلقة بحالات العنف والإساءة.

وسيجمع “كنف” أربع جهات مختصة بمتابعة ومعالجة حالات الإساءة ضد الأطفال وتقديم الدعم والإرشاد لهم، تحت سقفٍ واحدٍ، وهي: دائرة الخدمات الاجتماعية بالشارقة – إدارة حماية حقوق الطفل، والقيادة العامة لشرطة الشارقة – إدارة مراكز الشرطة الشاملة وإدارة التحريات والمباحث الجنائية وإدارة الدعم الاجتماعي، إدارة الطب الشرعي بالشارقة، ونيابة الشارقة الكلية، التابعتان لوزارة العدل.

وأكدت سمو الشيخة جواهر القاسمي، أن بيت الطفل “كنف” يمثل محطة نوعية في مسيرة التنمية الاجتماعية في الشارقة، تُترجم رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، حول دور المجتمع ومؤسساته في توفير بيئة آمنة للأطفال تحقق سلامتهم الذهنية والجسدية، كونها حقوق أساسية من ناحية، وشروط لبناء الشخصية المنتجة الملتزمة بمصالح مجتمعها من ناحية ثانية.

وقالت سموها: “قد يتعرض الأطفال في مختلف المجتمعات لأنواعٍ مختلفة من الإساءة وسوء المعاملة، ويشكل موضوع متابعة الحالات تحدياً كبيراً أمام الطفل وذويه لما يحتاجه من وقت وجهد وإجراءات طويلة ومعقدة، الأمر الذي يجعل من تسهيل هذه المهمة ضرورة اجتماعية، فما يتعرض له الطفل في صغره يبقى راسخاً في ذاكرته وقد يتراكم ليلحق به أضراراً نفسية وصحية دائمة، إلا إذا شعر الطفل أنه في محيط آمن وأن هناك من يهتم به وسط أجواء دافئة تعيد له الثقة والأمان”.

وتابعت سموها: “تتمتع دولة الإمارات بنسبة عالية من الأمن والاستقرار الأسري، ونحن ننظر لهذه الحالة كونها منجزاً يجب الحفاظ عليه والانتقال به نحو مستويات أعلى من خلال توحيد جهود كافة المؤسسات الاجتماعية المعنية، وتطوير آليات للاهتمام بالأطفال والأسرة، وتعزيز الوعي المجتمعي بكيفية التعاطي مع حالات الإساءة للأطفال، فالمجتمعات المتقدمة تبتكر وسائل تطورها وتضع مصلحة الفرد في قلب برامجها، وتعتبر أن الإساءة لأي فرد فيها وخصوصاً للطفل، بمثابة تعدٍّ على ثقافتها وقيمها وأخلاقياتها المشتركة، وأن حماية الأطفال هي حماية للمستقبل وقيمه”.

وأضافت سموها: “من خلال “كنف” الذي يستكمل المشهد المؤسسي في الإمارة والدولة، تواصل الشارقة تعزيز منظومتها الاجتماعية التي تكفل الحقوق وتنمي الوعي بالواجبات وتؤكد أهمية العمل المشترك لتحقيق التنمية الشاملة والتقدم الذي نريد له أن يتجلى في كرامة كل فرد”.

محطة واحدة آمنة
وتتجسد أهمية بيت الطفل “كنف” في أنه يمثل محطة واحدة لمقابلة الطفل، حيث لن يضطر الطفل لإعادة سرد أحداث الاعتداء أكثر من مرة واحدة وفي غرف مجهزة بالكامل تحاكي مساحات لعب الأطفال، بوجود أخصائيين مدرّبين، وغرف مراقبة تتيح للجهات المعنية أخذ أقوال الطفل دون الحاجة لمقابلته مرة أخرى، كما ستسهم آلية عمل “كنف” المتكاملة في توفير نظام رقميٍ موحّد لتخفيف الآثار النفسية لأي طفلٍ تعرَّض لأي شكلٍ من أشكال الاعتداء.

وأظهرت بعض الدراسات أنّ تكرار مقابلات الطفل الضحية قد يترك آثاراً نفسيةً سلبيةً، لما يمثله من إعادة تذكير بالألم والظلم الذي وقع عليهم بسبب الاعتداء، حيث وجدت واحدة من مؤسسات حماية الطفل في الولايات المتحدة أن معدّل عدد المقابلات التي يجريها الطفل لأخذ إفاداته خارج المركز يصل إلى 8 مرات.

ومن ناحية أخرى فإن تكرار إجراء المقابلات لا يضر الطفل فقط بل قد يضر بالقضية الجنائية، حيث تتعرض قصة الطفل للتغيير من عدة نواحي كالإيحاء من قبل الشخص الذي يقابله أو التوجيه، فتظهر تغييرات في القصة الأساسية نتيجة لذلك.

كما كشفت دراسات أجرتها مراكز حماية الطفل أن 85% من الأطفال لا يجيبون كل الأسئلة في المحكمة لأنهم لا يفهمونها فيجيبون بأجوبة مثل “لا أعلم” أو “لا أتذكر” لأن اللغة المستخدمة في المحكمة لا تناسب سنهم.

دراسات وتجارب عالمية
ويستند مشروع بيت الطفل “كنف”، إلى دراسة تحليلية قامت بها إدارة سلامة الطفل، تناولت آليات توفير الخدمات القانونية والاجتماعية والنفسية للأطفال في إمارة الشارقة وسبل تطويرها، إلى جانب الاطّلاع على تجارب بيوت الأطفال داخل دولة الإمارات العربية المتحدة، وأمريكا وبعض الدول الإسكندنافية، بهدف تصميم تجربة خاصة ومميزة للإمارة تنسجم مع ثقافتها وتوجهاتها.

منظومة مؤسساتية متكاملة التخصصات
وأعلنت إدارة سلامة الطفل، أنها تعمل من خلال قاعدة شركائها، والتنسيق المتواصل مع مختلف الجهات في الإمارة نحو تفعيل وتعزيز المسؤولية المجتمعية تجاه الأطفال والتوعية بحقوقهم الشاملة وأهمية رعاية الضحايا معهم واحتضان قضاياهم، وأشارت إلى أنها تتكفل بتوفير جميع المستلزمات والاحتياجات الخاصة بالمنسّقين والجهات المعنية من أجهزة مختصة وأدوات مكتبية، بالإضافة إلى إدارة جميع الاجتماعات في بيت الطفل ورفع التوصيات للجهات المعنية بعد كل اجتماع.

وكانت سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، قد أعلنت مؤخراً عن استراتيجية إدارة سلامة الطفل لعامي 2020-2021، حيث تهدف إلى بناء وتعزيز الشراكات بين مختلف الجهات والمؤسسات المعنية بسلامة الأطفال وضمان حقوقهم في إمارة الشارقة، وذلك تحقيقاً لرؤية إدارة سلامة الطفل التي تجسد ثقافة إمارة الشارقة وجوهر مشروعها التنموي والمتمثلة في شعار “مجتمع واعٍ.. طفل آمن”.