جواهر القاسمي: المجتمعات الواعية أساس تنشئة أجيال متوازنة ومنتمية

دعت قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، المؤسسات الأكاديمية والاجتماعية إلى تبني ممارسات علمية راسخة لتوعية الأسر والأطفال والشباب بقواعد الأمن الإلكتروني وتعريفهم بكيفية التعامل مع التحديات التي فرضتها تطورات العصر.

وأشارت سموها إلى أن الكثير من الدراسات وأحدثها دراسة صادرة عن إدارة سلامة الطفل تشير إلى أن هناك نسبة من الأسر لا تمتلك المعرفة الكافية لحماية أبنائها من مخاطر الفضاء الرقمي، مؤكدة أنه لا يوجد نسب سلبية مقبولة عندما يتعلق الأمر بأمن الأطفال والشباب وسلامتهم.

جاء ذلك عقب إصدار إدارة سلامة الطفل، التابعة للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، بتوجيهات ودعم من سموّها، نتائج دراسة مسحيّة هدفت إلى قياس وعي أولياء الأمور حول الاستخدام الآمن لشبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي من قبل الأطفال في مدينة الشارقة.

وقالت سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي: “إن التطور السريع لأدوات التواصل الرقمي، يحمل الكثير من المميزات والتحديات، وليس المطلوب مقاطعة هذه التقنيات من أجل تجنب أضرارها، لأنها ضرورية للتعلم وتنمية المدارك والمهارات والاطلاع على تجارب المجتمعات، وهذا يعني المزيد من الجهد والمتابعة والتوجيه لأبنائنا بدون استثناء، ويعني أيضاً أن نفكر دوماً بشكل استباقي، وأن نتبنى منهج الوقاية قبل العلاج، ونحن على ثقة بإمكانية تحقيق هذه الغاية من خلال العمل الدؤوب والتعاون بين كافة مكونات المجتمع ومؤسساته وفئاته، فهذا ما تحثنا عليه قيادتنا الرشيدة، وتتفق على أهميته كافة الجهات في الدولة من القطاعين العام والخاص”.

وأضافت سموها: “نسعى نحو ترسيخ بيئة آمنة تحتضن براءة أطفالنا وتدعم طموح شبابنا، وهذه الدراسة تحمّلنا مسؤولية مواصلة العمل والبناء والتطوير، وتضع أمامنا وأمام كافة الجهات المعنية بشؤون الطفل والأسرة، إجابات على أسئلة هامة حول كيفية تحقيق التوازن بين مواكبة أدوات العصر الحديث من ناحية، وحاجة المجتمعات للمعرفة الخالصة والمفيدة التي تدعم قيمها وتقاليدها وتعزز فيها قيم الشراكة والتعاون من ناحية ثانية، ونأمل أن تسهم هذه الدراسة في دعم مساعي المجتمع الإماراتي نحو المزيد من التطور والتقدم”.

وتابعت سموها: “نريد من الجميع أن يسترشدوا بالدراسات الخاصة بالأمن الإلكتروني وأن يحولوا نتائجها إلى ممارسات يومية وبرامج ممنهجة، وعلى مستوى العائلات هناك ضرورة لإدراك أن قواعد تربية الأبناء تتغير مع الزمن لتواكب المستجدات، وهذا لا يعني أن يكون الجميع خبراء بالأمن الإلكتروني، بل تصبح مهمة العائلة ترسيخ القيم الأصيلة لتكون قادرة على الثبات والمقاومة، وتعزيز الرقابة الذاتية لدى الأبناء وتشجيع الحوار بين أفرادها والحرص على الاستماع لكل واحد منهم إلى جانب الانتباه للمتغيرات النفسية والسلوكية التي قد تطرأ على الأطفال واليافعين بشكل خاص”.

وأكدت سموها: “أما مسؤولية المؤسسات الأكاديمية والاجتماعية، وبشكل خاص المدارس والجامعات، فهي أكبر بكثير بسبب قدرتها على تحويل نتائج الدراسات إلى برامج ثابتة وخطط مستدامة لتوعية الأجيال الجديدة بمفاهيم الأمن الإلكتروني، وذلك من خلال فتح المجال للحوار والنقاش وتشجيع الأطفال والشباب على مشاركة آرائهم وتجاربهم بحرية، لذا فنحن ننتظر أن نرى فعاليات قادمة لا تستهدف الطلبة فقط بل وتجمعهم مع أولياء الأمور أيضاً في مشهد يعبر عن التكافل والتعاون في سبيل ترسيخ أسس مجتمع صحي وحيوي وواع، لأن المجتمعات الواعية هي الأساس لتنشئة أجيال متوازنة ومنتمية، تعي معاني الانتماء والعطاء والمواطنة الصالحة فيها”.

وحول أهمية الاستمرار في إجراء هذا النوع من الدراسات وتطويرها قالت سموها: “نتوقع من الجميع أن يطلعوا على نتائج الدراسة الميدانية التي أصدرتها إدارة سلامة الطفل وأن يستفيدوا منها في خططهم وبرامجهم التي تستهدف الأسر والأطفال واليافعين، وكما هو حال كافة الدراسات، نتوقع أيضاً أن يكون هناك مساهمات من جهات أكاديمية ومتخصصة من أجل تطويرها والإضافة عليها ومراجعة نتائجها، كما أن هناك أهمية لإصدار المزيد من الدراسات من أجل إثراء معارفنا حول سلامة الأطفال والشباب، فسلامتهم هي سلامة الأمة، وأمنهم اليوم هو أمن مستقبلنا غداً”.

وهدفت الدراسة إلى استشراف وعي الأسرة بحماية الطفل إلكترونياً والتعرف إلى أشكال التدخل التي تمارسها الأسر لضمان الاستخدام الآمن للإنترنت من قبل الأطفال، واعتمدت على استبيان عيّنة من المواطنين والمقيمين في مدينة الشارقة مؤلفة من 12,344 أسرة، ضمن نطاق زمني امتد على مدار 14 شهراً.

ومن أبرز نتائج الدراسة أن 72.3% من العائلات المقيمة في إمارة الشارقة يسمحون لأطفالهم باستخدام الهواتف والأجهزة الذكية، منهم نحو 37.6% لا يقومون بمراجعة ما يتصفحه أطفالهم على الإنترنت، وأن أكثر المواقع استخداماً من قبل الأطفال بحسب أولياء الأمور هي مواقع الألعاب ومنصة “يوتيوب”، إضافة إلى أن 55.5% من أولياء الأمور يستخدمون برامج التحكم التي تراقب دخول الأطفال لمواقع الإنترنت وتحميل التطبيقات.