إعلاميون وأكاديميون يحذّرون من أثر الإعلام غير المهني على سلامة الأطفال

خلال ورشة مخصصة للإعلاميين نظمتها “إدارة سلامة الطفل” بالتعاون مع جامعة الشارقة
شهدت مشاركة أكثر من 50 إعلامياً وطالباً من جميع إمارات الدولة

للنشر الفوري
الشارقة، 17 أكتوبر 2020

أكد عدد من الأكاديميين المتخصصين على ضرورة تعزيز الوعي الاجتماعي والمهني بتناول قضايا الطفل في الوسائل الإعلامية والصحفية، محذرين من الآثار السلبية الناتجة عن الممارسات الإعلامية غير المهنية على سلامة الأطفال، ومشددين على أهمية وضع سياسات مهنية تضمن حقوق الأطفال وتكفل سلامتهم.

جاء ذلك خلال ورشة تفاعلية نظمتها إدارة سلامة الطفل، التابعة للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، بالتعاون مع جامعة الشارقة – مركز التعليم المستمر والتطوير المهني، بحضور أكثر من 50 إعلامياً من المؤسسات الصحفية والإعلامية الحكومية والخاصة في الدولة، إلى جانب عدد من طلبة الجامعات المتخصصين في مجالات الإعلام والاتصال الجماهيري.

وقدّم الورشة التي عُقدت (عن بعد) عبر منصات التواصل المرئي، كلٌ من الدكتور أحمد فاروق، والدكتورة إنجي خليل، والدكتورة شريفة المرزوقي، أعضاء الهيئة التدريسية بكلية الاتصال في جامعة الشارقة، حيث ناقشوا سبل تطوير آليات العمل الإعلامي تجاه قضايا الأطفال، في ضوء المبادئ والسياسات التي تكفل سلامة الطفل وحمايته.

وتأتي الورشة ضمن مبادرة “إعلام مسؤول.. طفل آمن”، التي أطلقتها الإدارة في عام 2018 بتوجيهات قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة المجلس، بهدف رفع معايير حماية حقوق الطفل لدى تناول قضاياه في وسائل الإعلام.

وانطلقت أعمال الورشة بكلمة ترحيبية قدمها أ.د. راضي الزبيدي مدير مركز التعليم المستمر، أكد فيها أهمية هذا النوع من الورش وتأثيره الإيجابي على بناء مجتمع واعي ومدرك لأهمية ودور الإعلام وتحديداً تجاه قضايا الطفل.

مبادئ مهنية
بدورها، تطرقت د. إنجي خليل الأستاذ المساعد بكلية الاتصال – جامعة الشارقة إلى المبادئ المهنية لتناول قضايا الطفل في الإعلام، من خلال استعراض عدد من النماذج الدولية والعربية المتبعة في إعداد التقارير الإعلاميّة، أبرزها المبادئ والحقوق التي حددتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، والجمعية العامة للأمم المتحدة، بالإضافة إلى اتفاقية حقوق الطفل، ووثيقة المبادئ المهنيّة لمعالجة الإعلام العربي لقضايا حقوق الطفل.

وأوضحت خليل أن النماذج تضم مجموعة من القيم التي يجب الالتزام بها خلال معالجة قضايا الطفل إعلامياً، تشمل المساواة وعدم التمييز، وحرية الرأي والتعبير، وحماية خصوصيّة الطفل، والشفافية والدقة، واحترام دور الأسرة، والرعاية والدعم، والدمج والمساندة.

وأكدت أن نموذج المبادئ المهنية الصادر عن المجلس العربي للطفولة والتنمية بالشراكة مع جامعة الدول العربية وبدعم من برنامج الخليج العربي للتنمية، والجمعية العامة لحقوق الطفل، يحدد آليات التعامل الإعلامي مع الأطفال، من حيث المشاركة في المحتوى، والتغطية الإخبارية لضحايا العنف والنزاعات، فضلاً عن بنودها فيما يتعلق بالإعلانات التي تستهدفهم، والمعايير المهنية للتعامل مع الأطفال ذوي الإعاقة، والصغار الموهوبين.

وأشارت إلى أن النموذج يدعو إلى تجنب مشاركة الأطفال في مشاهد تحتوي عنفاً لفظياً أو بدنياً، وتوخى الحذر إزاء استضافة الأطفال ضحايا العنف بأنواعه، وتجنب تضمين التغطية الإعلامية للاعتداءات على الأطفال تفاصيل محرجة، والابتعاد عن التفاصيل التي يمكن أن تعرض الضحية للخطر، بالإضافة إلى ضرورة أن لا تكون الإعلان خادعة ومضللة للأطفال، والتحقق من دقة الصور وملفات الفيديو، التي يتم تداولها عن الأطفال عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

تحليل المحتوى الإعلامي لقضايا الطفل
ومن جانبها استعرضت الدكتورة شريفة المرزوقي الأستاذ المساعد بكلية الاتصال – جامعة الشارقة، عدداً من التغطيات الصحفية المنشورة سابقاً في الوسائل الإعلامية المحلية والعربية، والتي تناولت قضايا وحوادث متنوعة للأطفال، بهدف تحليلها، وعقد مقارنة بينها وتحديد الأخطاء المهنية التي تضمّنتها، ومدى التزامها بالمبادئ المهنيّة، ومراعاتها لحقوق وخصوصيّة الطفل وأسرته.

وأكدت المرزوقي أهمية وعي الإعلاميين والصحفيين بأثر ما يقدموه من محتوى، سواء كان مكتوباً أو مرئياً أو مسموعاً على الطفل وأسرته ومحيطه المجتمعي، وشددت المرزوقي على دور الأسر في تعزيز وعي الطفل بما يتعرضون له من محتوى إعلامي، لا سيما في ظل انتشار التكنولوجيا الحديثة، وتنوع خيارات وسائل التواصل الاجتماعي.

سياسة إعلامية مسؤولة
وفي حديثه حول بناء سياسة إعلامية مسؤولة تجاه الطفل، عرّف د. أحمد فاروق الأستاذ المشارك بكلية الاتصال – جامعة الشارقة، السياسة الإعلامية بأنها المبادئ العامة المحددة للقرارات والوظائف الإعلامية، والإرشادات الخاصة بالتعامل المهني في تغطية الأحداث المحلية، والإقليمية، والدولية، معتبراً إياها قواعد عامة يجب على وسيلة الإعلام الالتزام بها.

وتطرق إلى عناصر بناء السياسة الإعلامية من خلال المهمة، والرؤية، والقيم، بالإضافة إلى الأهداف العامة للسياسات المتعلقة بموضوعات وقضايا الطفل، مشيراً إلى أنه يجب أن يلبي الإعلام حاجة الطفل للمعرفة، ويساهم في تحقيق النمو النفسي والاجتماعي والصحي للطفل، ويتصف بالمسؤولية والمصداقية تجاه قضاياه، ويساهم في توعيته بالمخاطر، ويرصد مشكلاته ويعمل على تقديم الحلول لها، وفي الوقت نفسه يدمج الأطفال في إعداد وتقديم وتقييم محتواه.

كما تناول المبادئ العامة للتعامل الإعلامي مع موضوعات وقضايا الطفل، التي تشمل احترام كرامته، وتقدير حقه في الخصوصية والسرية، وفي الاستماع إلى آرائه، وحماية مصالحه، وعدم تعريضه للخطر، وحدد عدداً من الصفات التي يجب أن يحملها المحتوى الإعلامي المقدّم للطفل، مثل أن يشعرهم المحتوى بالأمان، ويساعدهم على التفكير، والتعبير عن آرائهم، ويسهم في الكشف عن مهاراتهم، ويتصف بلغة بسيطة ومفهومة، لا يقدّم صوراً نمطية وفقاً للنوع أو الهوية.

وشهدت الورشة عدداً من النقاشات التفاعلية تضمنت عرض تجربة أو تحدي عاشه المشاركون، وتحديد مشكلات التغطية الإعلامية للأطفال ضحايا العنف، إلى جانب بيان أهم التجاوزات التي رصدها المشاركون في الإعلانات الموجهة للأطفال، واستحضار أحد الأخبار المنشورة عن الطفل في وسائل التواصل الاجتماعي والتعليق عليها في ضوء المبادئ المهنية، كما قدّم المشاركون عدداً من النماذج الإيجابية وأخرى سلبية لتعامل الإعلام مع قضايا الأطفال.