لا يمكن عزل أهمية العمل على تأمين سلامة الأطفال عن تخيل مستقبل المجتمعات. فإذا أردنا مجتمعاً سوياً ومنتجاً يتصف بالحيوية والسلوك الإيجابي المثمر، علينا دائماً البدء من لحظة الطفولة. لأن الأطفال الذين تلقوا تنشئة سليمة أمدتهم بالعون والرعاية والتعليم الجيد، لا بد أن يكونوا أفراداً فاعلين في مجتمعاتهم، لا يعانون الرهاب ولا يحملون التعقيدات النفسية ولا يترددون في اتخاذ القرارات، وبوسعهم كذلك استخدام قدراتهم في مواجهة التحديات، وبذلك ينجحون في تحقيق خطوات نوعية في مسيرة الحياة العامة والخاصة.
من هذه الزاوية، يجب علينا إدراك أن سلامة أطفالنا ذات صلة كبرى بتحديد ملامح مجتمعاتنا في الغد. فأهمية سلامة الطفل لبناء المجتمعات من البديهيات، لأن مجتمع الغد هم صغار اليوم، ولا بد من رفع نسبة الوعي بتوفير أقصى درجات السلامة لأطفالنا.
لكن هذا الإدراك وحده غير كاف، إذا ما استمرت العائلة في الاعتقاد أن سلامة صغارها تقتصر على حمايتهم من الحوادث المنزلية أو من أخطار الطريق وبيئة اللعب في الشارع، وأحياناً قد تتسع الدائرة لتشمل الحماية من التنمر في المدرسة أو الحي السكني. وبالطبع هذه كلها محاور أساسية للحماية، تتطلب العناية من قبل أولياء الأمور.
إلا أن علينا توسيع مفهوم السلامة التي نبتغيها للأطفال، بما يواكب مستجدات اللحظة المعاصرة في هذا الزمن، لأن هناك تحديات ومخاطر متجددة تفرض نفسها. وسنجد أن الكبار أنفسهم يواجهون في حياتهم اليومية حالة انفتاح إعلاميّ وافتراضي من الصعب التحكم به، وهنا لا بد من الانتباه إلى الأنواع المستجدة من المخاطر التي تقتحم حياة أطفالنا.
عندما نشير إلى ضرورة صياغة تصور ذهني لدى الأسرة أكثر شمولاً لمفهوم سلامة الطفل، ذلك يعني أن كل ما يتعلق بالنشاط اليومي للطفل في وقتنا الحالي بحاجة إلى التقييم، بهدف استشراف المخاطر التي قد تختبئ أحياناً في لعبة على الإنترنت، أو في مشاهد غير مناسبة للأطفال تبث على التلفاز أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
كما أن الكثير من الهدايا التي يمنحها الأهل لأطفالهم في هذا العصر، قد تتحول دون أن يعرفوا إلى منبع للإضرار بوعي أطفالهم وصحتهم النفسية. ومن الأمثلة على ذلك هدايا الألعاب والأجهزة الإلكترونية المتصلة بالإنترنت. فقد يعتقد البعض بدافع من تدليل الأبناء، أن انهماك أطفالهم في عالم الألعاب الالكترونية سيجلب لهم السعادة والمرح، بينما يواجه الطفل منفرداً احتمالات التعرض للإدمان الإلكتروني أو تصفح مواقع إنترنت غير ملائمة لسنة.
بالحديث عن مخاطر الألعاب الالكترونية، فإننا في دولة الإمارات احتفلنا في الخامس عشر من مارس بيوم الطفل الإماراتي، واتخذ الاحتفال هذا العام من “حق اللعب” شعاراً للمناسبة. فكانت فرصة للدعوة إلى استعادة الألعاب الحية الخالية من المخاطر، والتي تعزز صداقة الأطفال مع أقرانهم. فماذا يلعب أطفالكم؟