عادة ما نطلب من أطفالنا أموراً من قبيل أخذ الاحتياطات اللازمة لسلامتهم أو الامتناع عن عادات وسلوكيات ضارة، لكننا نحن الكبار نمارسها، فتصبح النصيحة التي نوجهها للصغار فاقدة للمعنى وللمصداقية في نظرهم، وخاصة عندما يرون الكبار من حولهم يرتكبون الأخطاء ويمارسون العادات السلبية ذاتها ثم يطلبون من الطفل أن يفعل ما لا يفعلونه ولا يلتزمون به.
أتذكر أن موقفاً كنت شاهدة عليه بين إحدى صديقاتي وأطفالها وأحببت أن أشرك القراء فيه، لأنه مثال مناسب لهذا الموضوع. إذ كانت صديقتي كعادتها تحرص مثل غيرها من الأمهات على تنبيه أطفالها للتقيد باستخدام حزام الأمان عندما نكون في جولة لأي غرض على متن السيارة، وكانت تكرر هذا التنبيه مراراً وألاحظ أنهم يهملون الاستجابة لطلبها. وعندما ألحت عليهم ذات مرة أن يستخدموا أحزمة الأمان وقررت عدم التحرك بالسيارة إلا إذا استجابوا لطلبها، جاءها الرد المفاجئ من أطفالها:
– يا ماما أنت لا تلتزمين بربط حزام الأمان فكيف تطلبين منا ذلك؟!
كان هذا الموقف درساً حاسماً حتى صرت أفكر ألف مرة قبل أن أوجه بالألتزام بأي شيء وأحرص أن أكون ملتزمة به. وهذا المثال يسري على أمور كثيرة، بما فيها عاداتنا الغذائية وفترات جلوسنا أمان التلفاز أو أثناء تصفح الانترنت من على شاشات الهواتف أو الحواسيب. فكيف نطلب من أطفالنا تغيير عاداتهم الضارة ونحن نمارسها أمامهم كل يوم!
إن سلامة أطفالنا أمانة بين أيدينا، ولا يكفي أن نوجه لهم التعليمات الصارمة والنصائح بينما نحن لا نمثل لهم القدوة والنموذج الذي يشجعهم على الإقتداء والالتزام. وقد لا يدرك الأهل أهمية هذا الموضوع أو يعتقدون أن للكبار الحق في التمسك بعادات وسلوكيات ضارة تصلح لهم ولا تصلح للصغار، وهذا خطأ لا بد من تصحيحه!
فلو تأملنا على سبيل المثال مدى تأثير عادة التدخين على الأطفال لأدركنا حجم الضرر النفسي الذي يتسبب فيه المدخنون لأطفالهم، كما أنهم بهذا السلوك يخسرون مصداقيتهم في المستقبل إذا ما فكروا في توعية أطفالهم ضد مضار التدخين.
لا ننسى كذلك أهمية القدوة في عملية التربية والتنشئة الدينية والاجتماعية كما يجسدها تراثنا الإسلامي المليئ بالنصوص التي ترشدنا إلى الأسوة الحسنة، ولو لم يكن للقدوة هذا التأثير التربوي والقيمة الأخلاقية لما حثنا عليها الدين، سواء بالاقتداء بالنماذج المشرفة أو بالاجتهاد في أن نكون نحن قدوة لغيرنا.
أخيراً علينا كأمهات وآباء ألا ننسى أن هويتنا الوطنية وعاداتنا وتقاليدنا الأصيلة في دولة الإمارات تشكلت بفضل أجدادنا وآبائنا وشيوخنا الذين مثلوا قدوة حسنة لمجتمعنا، لأن في القدوة تربية سليمة تصنع الأجيال الواعية وتحقق السلامة لأطفالنا الآن وفي المستقبل.