حملة سلامة الطفل تكشف تعرض 50% من الصغار للاستدراج من الغرباء!

خلصت تجربة عملية نفذتها حملة سلامة الطفل، التابعة للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة مؤخراً، بالتعاون مع القيادة العامة لشرطة الشارقة وإدارة مركز صحارى بالشارقة، إلى احتمال تعرض 50% من الأطفال للاستدراج من الغرباء، وهو ما يهدد حياتهم وسلامتهم النفسية والجسدية بشكل مباشر.

وتوجهت التجربة التي أقيمت تحت عنوان “طفلك مسؤوليتك”، للأطفال في مركز صحارى بالشارقة، بمنطقة الألعاب، وردهة المطاعم، حيث تقصّد عددٌ من المتطوعين استدراج الأطفال لقياس مدى تقبلهم للاستجابة للغرباء، وحجم وعيهم بالأمان الاجتماعي.

وهدفت هذه التجربة التي شارك فيها 26 طفلاً تضمنوا ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة، إلى رفع وعي أولياء الأمور المقيمين في الدولة تجاه ظاهرة استدراج الأطفال، خاصة خلال أسفارهم ورحلاتهم،  لتعزيز قدرة أبنائهم على التعامل بحذر مع الغرباء، وعدم استجابتهم للمطالب والمغريات التي تقدم إليهم بهدف استدراجهم، فضلاً عن إكسابهم المهارات والأساسيات اللازمة لتعزيز سلامتهم في الأماكن العامة وكيفية التصرف عند التعرض لمواقف مختلفة.

وشارك في التجربة كل من هنادي صالح اليافعي، مدير إدارة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، رئيس اللجنة المنظمة لحملة سلامة الطفل، ونهلة حمدان، مدير المبادرات والأنشطة بالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة، وهند البدواوي، المستشارة النفسية، وعمر الرشيد، أحد الممثلين في هذه التجربة، والذين استخدموا طرقاً وحيلاً مختلفة لاستدراج الأطفال، من بينها تقديم الوعود بشراء الألعاب أو الحلويات لهم، أو التظاهر بمعرفة أولياء أمورهم، وأسفرت نتائج التجربة عن وقوع 13 طفلاً من أصل 26 ضحيةً للاستدراج خلال 4 ساعات، بينما رفض بقية الأطفال التجاوب مع حيل وطلبات المستدرجين للذهاب معهم.

وحرصت الحملة قبل إجراء التجربة على أخذ موافقة الأهل، وتوقعاتهم حول ردود أفعال أطفالهم بالاستجابة أو الرفض لعملية الاستدراج، لتقدم هند البدواوي بعدها العديد من النصائح للأطفال الذين لم ينجحوا بالتجربة واستجابوا للمستدرجين، كما عززت الوعي لدى أولياء الأمور بأهمية تعليم أطفالهم كيفية التصرف عند التعرض لمثل هذه المواقف.

وقالت هنادي صالح اليافعي: “تكمن أهمية هذه التجربة الواقعية وما ترتب عليها من مؤشرات خطيرة إلى تقديم رسالة وأهداف حملة سلامة الطفل بطرق وأساليب جديدة أكثر تفاعليةً، قادرة على ترك الأثر الأكبر في نفوس أولياء الأمور والأطفال، وقياس ردود أفعالهم حول مجموعة من المخاطر التي قد تحيط بأطفالهم، إلى جانب رفع مستوى مساهمة الأهل في توعية أبنائهم بعدم التجاوب مع الغرباء، وطرق التعامل السليمة في حال تعرضهم لمواقف قد تلحق الأذى والضرر بهم”.

وأضافت اليافعي: “لمسنا من خلال مشاركتنا في هذه التجربة الواقعية ردود أفعال مختلفة من الأطفال بغض النظر عن اختلاف أعمارهم وجنسياتهم، إذ أن هناك العديد من الأهالي والأطفال الذين كان لديهم وعي كافٍ نحو هذا الموضوع ما أدخل الفرحة والسرور في قلوبهم، في حين واجهنا الكثير من الاستياء والحزن لدى الأهالي الذين استجاب أطفالهم للاستدراج، وأكدوا على ضرورة تركيزهم على تعزيز الوعي بشكل أكبر عند أطفالهم ليكونوا حاضرين لمواجهة مثل هذه الحوادث في المستقبل”.

وأشارت هنادي اليافعي إلى أنه رغم تمتع دولة الإمارات العربية المتحدة بمستوى أمان عالٍ، وقلة انتشار ظاهرة استدراج أو خطف الأطفال فيها، فإن هذه التجربة مهمة لرفع الوعي بين جميع الجنسيات، وخصوصاً بين الأسر التي تسافر خلال فترة الإجازات إلى بلدان تشهد فيها هذه الظاهرة انتشاراً ملحوظاً، مضيفة أن إحصاءات منظمة العمل الدولية تشير إلى أن عدد الأطفال الذين يتم الإتجار بهم سنوياً يقدر بنحو 1.2 مليون طفل حول العالم.

وتعتزم حملة سلامة الطفل تعميم نتائج وأهداف هذه التجربة الواقعية على جميع المراكز والمؤسسات المعنية بالطفل، وبث فيديو هذه التجربة في القنوات التلفزيونية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، لتوعية الأهل والأطفال بخطورة التعامل مع الغرباء والعواقب التي قد تلحق بهم في حال عدم إبلاغ أولياء أمورهم عن مثل هذه الحالات أو الذهاب مع غرباء أثناء تواجدهم بعيداً عن عيون والديهم.

متحدثون يؤكدون أهمية التجربة في رفع وعي الصغار وأولياء الأمور

سعادة اللواء سيف الزري الشامسي، قائد عام شرطة الشارقة

قال سعادة اللواء سيف الزري الشامسي، قائد عام شرطة الشارقة: “تماشياً مع رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، التي تنظر إلى الأطفال باعتبارهم أمل الأمة ومستقبلها الواعد، نولي في شرطة الشارقة اهتماماً بالغاَ بقضايا الطفولة، حيث لا ندخر جهداً في سبيل أن ينعم كل صغارنا بالسلامة النفسية والجسدية، وأن ينشأوا في بيئة صديقة لهم مفعمة بالأمل، يعيشوا فيها حياة هانئة ملؤها السلام والاستقرار والطمأنينة”.

وأضاف الشامسي: “جاء تعاوننا مع حملة سلامة الطفل، التابعة للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، في تنفيذ التجربة العملية حول استدراج الأطفال، من منطلق إيماننا بأهمية توحيد جهود كل مكوّنات المجتمع من مؤسسات رسمية ومنظمات مجتمع مدني، للإسهام في إزالة العقبات التي تهدد سلامة صغارنا، وتجعلهم عرضة لممارسات تشكل خطراً عليهم، وسعينا من خلال هذه التجربة إلى لفت انتباه الأسر وأولياء الأمور إلى ظاهرة استدراج الأطفال في الأماكن العامة، والتعامل معها باهتمام أكبر”.

عفاف المري، رئيسة دائرة الخدمات الاجتماعية بالشارقة

قالت سعادة عفاف المري، رئيسة دائرة الخدمات الاجتماعية بالشارقة: “إن نتائج مثل هذه التجربة تسهم في قياس وعي المجتمع تجاه مثل هذه القضايا، وتحديد أساليب وطرق التوعية الصحيحة، إذ أن هناك بعض الأهل الذين يوجهون نصائح متناقضة لأطفالهم بمطالبتهم باحترام الآخرين وعدم رفض الحديث أو السلام عليهم، لأن غير ذلك منافٍ للعادات والتقاليد المجتمعية، ولكنهم من جانب آخر يطلبون منهم عدم الذهاب مع الغرباء ورفض الاستجابة لهم، ما يجعل الطفل في حيرة من أمره حول كيفية التعامل مع هذه المواقف فيفترض حسن النية في أغلب الأحيان، الأمر الذي قد يسهم في تسهيل استدراجه”.

وأضافت المري: “يجب على الأهل توعية أطفالهم بالطرق الصحيحة وتوضيح الأسباب التي تدعوهم لرفض التواصل مع الغرباء، أو الحديث معهم، أو قبول الهدايا منهم، وتعليمهم الاستئذان من أولياء الأمور أو المدرسين أو الشخص المسؤول عنهم قبل اتخاذ أي قرار، فضلاً عن تعريفهم بأساليب الرفض وعدم الانقياد للغرباء، مع الحرص على عدم زرع الخوف والشك في نفوسهم”.

منى عبدالكريم، مدير مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية

قالت منى عبدالكريم، مدير مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية: “تنبع أهمية هذه التجربة العمليّة التوعوية في كونها رمت حجراً حرّك المياه الساكنة، وألقت مزيداً من الضوء على ظاهرة ينبغي على جميع الأسر الانتباه إليها، فاستدراج الأطفال من قبل الغرباء يعتبر من أخطر الظواهر التي دائماً ما يعقبها الكثير من الممارسات التي تهدد سلامة وأمن صغارنا على الصعيدين النفسي والجسدي”.

وأضافت عبدالكريم: “نحرص في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، وتماشياً مع رؤية إمارة الشارقة الساعية إلى إيجاد بيئة صديقة للأطفال، بمختلف فئاتهم العمرية وظروفهم الصحية والجسدية، على تعزيز وعي أطفالنا من ذوي الإعاقة بشكل خاص بمخاطر الاستدراج الذي قد يتعرضون له في الأماكن العامة، وكيفية التصرف معه في حال حدوثه، ونركز في ذلك وبشكل كبير على الأطفال الذين يعانون من الإعاقة الذهنية وحالات التوحد، لكون قدراتهم الذهنية لا تتناسب في كثير من الأحيان مع أعمارهم”.

هند البدواوي، المستشارة النفسية

قالت هند البدواوي، مستشارة نفسية: “تعتبر هذه التجربة من المبادرات الرائدة في عملية قياس وعي الأطفال نحو الاستدراج، وتوضيح مفهوم الغرباء لديهم، ومن خلال مشاركتي فيها لاحظت بأن هناك شقين من الأطفال، الأول يمتلك قدراً كبيراً من الوعي في كيفية مواجهة هذه المخاطر والتعامل معها، والفئة الأخرى ليس لديها وعي كاف بكيفية التعامل مع الغرباء، وهنا يكمن دور الأهل بضرورة توعية أطفالهم بعدم الانجرار نحو المغريات المقدمة من الآخرين”.

وأضافت البدواوي: “هناك العديد من الطرق يجب علينا اتباعها لحماية أطفالنا من الوقوع في المخاطر ومنها تعريفهم لمن يلجأون في حالة تعرضهم لأي موقف أو مشكلة، بالإضافة إلى تعزيز شعور الاكتفاء لديهم والابتعاد عن إشعارهم بالنقص من خلال تحديد احتياجاتهم الأساسية وإشباعها، ومن هنا تقل تدريجياً رغبتهم بالحصول على الكماليات، وتتكون لديهم عادات سليمة تحميهم من الاندفاع نحو المغريات المقدمة من الغرباء”.