حكاية أول يوم في العام الدراسي

غالباً ما تكون البدايات هي أصعب اللحظات، فلكل بداية تفاصيلها المقلقة التي تجعل الشخص يعيش أزمة من التناقض بين التوقعات الإيجابية والسلبية، حتى يبدأ في خوض هذه التجربة ويتمكن من رؤيتها عن قرب ومن داخل الحدث.

ونحن اليوم على أبواب عام دراسي جديد، يعيش الآباء والأمهات العديد من المشاعر المتضاربة بين الفرح برؤية الأبناء في ثياب المدرسة وعلى مقاعدها، والقلق من القادم لأولادهم الذين سيقضون ساعات طويلة بعيدين عنهم وبصحبة غرباء. وعلى الرغم من تكرار سيناريو العودة إلى المدرسة مع الأهالي، إلا أن القلق لا يتبدد من عام إلى عام، ويعززه التغيير المتوقع في نمط حياة البيت ومواعيد النوم والاستيقاظ والطعام ومتابعة الواجبات المدرسية بدقة.

ولكن هناك من سيخوض هذه المرحلة للمرة الأولى، فتكون هواجسه مزيجاً من الخوف على طفله وحزنه لافتراقه عنه، حتى لو كان هذا الفراق لبدء مرحلةٍ جديدة من حياة الطفل ستكسبه الكثير من المعارف وتصقل شخصيته، ويحاول البعض اللجوء في الكثير من الأحيان للمقربين منهم والأصدقاء ليسألوهم عن هذه المرحلة، والخطوات الناجحة للتعامل معها.

وهنا تكمن أهمية الاستعداد لهذه المرحلة وإعداد الطفل مسبقاً من خلال اتباع خطوات تسهم في تسهيل مهمة الوالدين، بإعطائه أمثلة واقعية لما يمكن أن يجده هناك، وقراءة كتب وقصص عن هذا الموضوع، وأثناء القراءة مخاطبة تساؤلاته ومخاوفه، فالخوف من المجهول هو واحد من أكثر المخاوف شيوعاً عند الأطفال، إلى جانب الحديث معه عن أجمل اللحظات التي يمكن أن يعيشها برفقة أصدقائه الجدد وما يمكنه أن يمارس من أنشطة يحبها.

ولا نغفل أهمية الذهاب مع الطفل في جولة للمدرسة قبل بدء العام الدراسي الجديد، والتجول معه في الأماكن التي سيتواجد بها، والروتين اليومي الذي سيعيشه في المدرسة وكيف سيكون الأهل بانتظاره في الوقت المحدد حتى عودته للبيت، إلى جانب التسوق معه لاختيار مستلزماته الدراسية التي يحبها، لتعزيز شعور المسؤولية والثقة بداخله.

وهنا لا بد من الحديث عن اللفتة الجميلة والإنسانية التي أسعدتني وأسعدت الكثير من الأمهات والآباء من قبل الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية، بإطلاق سياسة “العودة إلى المدارس” ومنح الآباء والأمهات ساعات عمل مختصرة لمرافقة أبنائهم إلى المدارس في اليوم الأول من العام الدراسي، هذه اللفتة تترجم مفهوم السعادة وممارسة الحقوق والالتزام بالواجبات تجاه الوطن والقيادة التي تراعي في سياساتها حياة المواطنين والقاطنين في الدولة.

فدائما البدايات الطيبة تقدم نهايات طيبة وناجحة تبث الأمل في قلوب الجميع، وتعزز لديهم مفهوم العمل بحب، والعطاء بحب، وترسم لهم مستقبلاً أكثر إشراقاً وأملاً في دولة جعلت الإنسان أغلى ما تملك.